{وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً} لأنهم لا يملكون السرّ المطلق للوجود في ذواتهم ليستطيعوا من خلال ذلك أن يمنحوا الوجود لشيءٍ آخر ،{وَهُمْ يُخْلَقُونَ} حيث كانوا عدماً ،ثم تحولوا إلى الوجود بخلق الله لهم ،{وَلاَ يَمْلِكُونَ لاَِنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً} ،لأن ذلك كله خاضع للتدبير الإِلهي الذي يملك وحده الضر والنفع من ناحية المبدأ والتفاصيل ،لأن سبب ذلك كله بيده{وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً} لأن للموت أسبابه الطبيعية التي هي بيد الله ،وبإرادته ،وبتقدير سببّيته من خلاله ،وللحياة والنشور أسبابهما الخاضعة لله في كل مجالاتهما ،وليس بيد هؤلاء شيء منها ،فكيف يمكن أن يكون هؤلاء آلهة ،وهم لا يملكون أيّ شيء من خصائص الآلهة ،في ما يتصرفون به في شؤون خلقهم ،وما يدبّرونه من أمورهم ،ويحركونه من شؤون الحياة والموت والنشور ؟!
إن المسألة لا تحتاج إلى عمقٍ في الفكر ودقةٍ في التحليل ،بل كل ما هناك ،أن الوجدان الصافي الحرّ سوف يكتشف حقيقة الوحدانية لله ،ونفي الشريك عنه ،من موقع البداهة الفطرية السليمة .