{ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ( 9 )} .
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، و{ ضربوا} معناها بينوا ، والأمثال هي الأحوال المتشابهة في زعم القائل ، أن انظر كيف حاولوا أي تكون الرسالة مع ملك من السماء يكون ردءا للرسول في إنذاره ، ثم كيف حاولوا أن يجعلوه كالملك الذي تجري كنوز الأرض تحت يديه ، أو كحواشي الملوك الذين يقطنون الإقطاعات الواسعة ، حاولوا ، عقد المشابهة بين هذه الأحوال والرسالة ، وهذه أمور دنيوية تأنى عن معنى الرسالة ، ولذا قال تعالى:{ فضلوا} الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي بسبب زعمهم هذه المشابهات ضلوا وبعدوا عن الحق وأوغلوا فشبهوا رسالة الله برسالة الناس ، وأنه يكون معها شاهد من قبل المرسل ، كملك ، وشبهوا الرسول بالملك الغني أو حاشيته ، وكل هذه تشبيهات باطلة في أصل موضوعها وفي أوصاف الموضوع ، فليس الله كأحد من خلقه ، إنما معجزته هي الشاهد ، وليس النبي ملكا أو حاشية لملك ، فضلوا بسبب تلك الأمثال ، ومن ضل في الطريق يسير في ضلاله إلى أقصى مداه ، ولذا قال سبحانه:{ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} الفاء عاطفة ، أي أنه يتبع هذا الضلال أن صاروا في عماية من أمرهم لا يستطيعون الهداية ، ولا يستطيعون معرفة سبيل للنجاة من الضلالة التي أوقعوا فيها أنفسهم بعمايتهم وجهالتهم ، وذلك لما أصابهم من غشاوة ، وضلال وحيرة في الطرق .