قدرت ودبرت ورأت المسألة بدل المقاومة رهبا في الملك ، ورغبا في موادته ، قالت محذرة من غلوائهم ومقدرة أمرها وأمرهم:{ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} والقرية هي المدينة العظيمة التي تكون مكونة من جموع كثيرة متكاثفة ، ودخولهم القرية العظيمة يكون بحرب جائحة تأكل الأخضر واليابس ، وهذا هو الفساد والخراب ، فلو أمكن ، وفي شر ذلك ما قد يكون خيرا ، وذكرت أمرا آخر يفعله الملوك ، وهو أن يجعلوا أعزة أهلها أذلة ، إنما يقلبون الأوضاع فيها فيجعلون من هم في موطن العزة والسلطان ، هم الذين يكونون في موطن الذلة والهوان وإنها في ذلك تشير إلى خوفها على نفسها من أنها في السنام منهم قد تكون غير ذلك ، وأنهم لهاميم قومهم قد يكونون في غير مواضعهم ، وسجلت أن ذلك حال الملوك دائما وهو شأنهم ، ولذا قالت:{ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} ، أي ذلك شأنهم دائما . وكان التعبير بالفعل المضارع لتصور حالهم المستمرة الدائمة كأنها شأن من شئونهم ، وغاية لهم .