ولقد بين سبحانه وتعالى استبشارهم بحسن الجزاء فقال سبحانه:{ يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين} .
هذه الجملة بيان للاستبشار السابق ، والتخريج في معنى كلمة الاستبشار الذي ذكرناه في النص السابق يجرى فيها .
والمعنى ان هؤلاء الشهداء يطلبون البشرى بنعمة من الله تعالى ، وهي نعمة جزيلة كريمة فاضلة لأنها صادرة عن مانح النعم لهذا الوجود كله ومسديها لكل حي ، والنعمة هنا هي نعمة الانتصار ، والفضل هو ما يسبغه الله تعالى على أهل الحق من عزة ، وطلب له شاعرين بان الموت في سبيل الله هو عين البقاء ، والحياة في باطل هي عين الفناء ، فالاستبشار من هؤلاء الأطهار استبشار بالعزة لدينهم وللحق الذي افتدوه بأجسامهم وخفقت من بعد ذلك أرواحهم ، فهم يستبشرون بنعمة النصر وفضل العزة للذين جاءوا من بعدهم ، فنعمتهم هم وفضل الله عليهم في نصرة الإسلام بعدهم ، وكون الله تعالى لا يضيع اجر المؤمنين ، بان يعطيهم النصر والعزة والكرامة جزاء جهادهم ، وليس الاستبشار هنا بما ينالونه هم ، بل بما ينال الإسلام والمؤمنين من بعدهم ، والدليل على ذلك ان الاستبشار هنا بيان للاستبشار الذي سبقه ، والاستبشار الذي سبقه كان لأن الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وأيضا فإن المؤمنين الذين لا يضيع جزاؤهم في الدنيا بالنصر ، ولا في الآخرة بالنعيم المقيم ، بينوا بأنهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، وهم الذين قال الله تعالى فيهم:
{ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح} .