/م169
ثمّ إن السبب الآخر لابتهاجهم ومسرتهم هو ما يجدونه ويلقونه من عظيم الثواب ورفيع الدرجات الذي ينتظر إخوانهم المجاهدين الذين لم ينالوا شرف الشهادة في المعركة إذ يقول القرآن:( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ) .
ثمّ يردف هذا بقوله: ( ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) يعني أن الشهداء يحسون هناك وفي ضوء ما يرونه أن إخوانهم المجاهدين لن يكون عليهم أي خوف ممّا تركوه في الدنيا ،ولا أي حزن من الآخرة ووقائعها الرهيبة .
على أنه من الممكن أن يكون لهذه العبارة تفسير آخر هو أن الشهداء بالإضافة إلى سرورهم وفرحهم لما يشاهدونه من الدرجات والمراتب الرفيعة لإخوانهم الذين لم ينالوا شرف الشهادة ولم يلحقوا بهم ،لا يشعرون هم أنفسهم بأي خوف من المستقبل ولا أي حزن من الماضي{[688]} .
ثمّ إنه سبحانه يقول: ( يستبشرون{[689]}بنعمة من الله وفضل ) .
وهذه الآيةفي الحقيقةمزيد تأكيد وتوضيح حول البشائر التي يتلقاها الشهداء بعد قتلهم واستشهادهم ،فهم فرحون ومسرورون من ناحيتين:
الأُولى: من جهة النعم والمواهب الإلهية التي يتلقونها ،لا بها فقط بل لما يتلقونه من الفضل الإلهي الذي هو التصعيد المتزايد المستمر للنعم الذي يشمل الشهداء أيضاً .
والثانية: من جهة أنهم يرون أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المؤمنين ...لا أجر الشهداء الذين نالوا شرف الشهادة ،ولا أجر المجاهدين الصادقين الذين لم ينالوا ذلك الشرف رغم اشتراكهم في المعركة: ( وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) أجل ،إنهم يرون بأم أعينهم ما كانوا يوعدون به ويسمعون بآذانهم .
إنها فرحة مضاعفة .
/خ171