المتاع الشيء الذي يجعل الانتفاع به ولا يبقى طويلا ، من ذلك قوله تعالى:{ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور185}[ آل عمران] ،وهي هنا خبر لمبتدأ محذوف دل عليه الكلام الذي قبله ، والمعنى ان تقلبهم وتصرفهم في البلاد متاع قليل ، فهو انتفاع عاجل ومقداره قليل ، ثم تعقبه بعد ذلك حسرات ، ولذلك ذكر ما يعقبه فقال:{ ثم مأواهم جهنم} العطف ب"ثم"ليس للدلالة على التراخي الزمني فقط ، بل للدلالة على تفاوت ما بين حالهم في الدنيا ، وما يكونون عليه في الآخرة ، والمأوى هو المكان الذي يأوي إليه الشخص ليستقر فيه ويطمئن ، فكان استقرارهم هم جهنم ، وهي اسم لنيران يوم القيامة ، والمهاد هو المكان الممهد والفراش اللين ، ويكون التعبير عن مآلهم بالمهاد من قبيل التهكم . ويصح ان يقال غنهم هم الذين مهدوه لنفسهم ، ويكون المعنى بئس الذي مهدوا به لنفسهم ، أي انهم بأعمالهم في الدنيا قد مهدوا لنفسهم فراشا من اللظى والجحيم وبئس هذا المهاد .
وفي هذا تعزية للمؤمنين أبلغ تعزية ، وقد روى الترمذي ان رسول الله قال:"ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم ، فلينظر بما يرجع"{[656]} .