[ متاعٌ قليلٌ] وماذا بعد ذلك ؟ما قيمة ذلك كلّه ؟إنَّ العاقبة الوخيمة تنتظرهم هناك عندما يفارقون هذه الدُّنيا ،فسيفقدون كلّ هذه العظمة الفارغة ويتحوّلون إلى غذاءٍ شهيّ للنَّار ،تماماً كما هي الأخشاب والهشيم ...[ ثُمَّ مأواهم جهنَّمُ وبئس المهاد] فذلك هو مأواهم ومصيرهم السيِّئ وبئس المهاد .إنَّه الدور النفسي الذي يستهدف تفريغ داخل الإنسان من التأثيرات النفسية المنبهرة بمظاهر العظمة المحيطة بهم ،فما قيمة ذلك كلّه في نطاق إدراكنا بأنَّ هؤلاء الكافرين يعيشون الحياة كمتاع ،مجرّد متاع ؟!فقد لا يكون لهذه النظرة السلبية في داخلنا ضدَّهم تأثير على القوى الطاغية والباغية بشكلٍ فوري حاسم ،ولكنَّه يترك الأثر الإيجابي للمستقبل ،لأنَّ الصّراع بين المستكبرين والمستضعفين ،في حركة الصراع بين القوّة والضعف ،لا تحكمه القوى الماديّة فقط ،بل تتدخل فيه القوى النفسية .
فإنَّ هناك عنصرين يساهمان في هزيمة الضعفاء أمام الأقوياء وهما: عنصر القوّة المادية التي يملكها المستكبرون ،وعنصر المشاعر السلبية الانهزامية التي ينسحقمن خلالهاالمستضعفون تحت تأثير المستكبرين .وقد تعامل الإسلامفي ما يريده من تقوية حركة المقاومة ضدَّ هؤلاءمع العنصر الأول في ما جاءت به الآية الكريمة: [ وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ] ( الأنفال:60 ) ،ومع العنصر الثاني في ما جاءت به هذه الآية وأمثالها للدخول في عملية موازنة ومقارنة بين القوّة التي تفنى وتزول ،وبين القوّة التي تملك أمر الحياة والموت ،فلا يستسلم الإنسان للقوّة الزائلة ،بل يخضع للقوّة الخالدة التي تملك كلّ القوى المادية والمعنوية ،وبذلك يتحرّك في عملية تطوير القوّة المضادّة والانطلاق بالصراع إلى نهايته حتّى النصر ،ولو بعد حين .إنَّ الفكرة الحاسمة هي أنَّ كلّ القوى لن تدوم ،لأنَّها مجرّد متاع قد يفنى في الدُّنيا ،وقد تفنيه الدُّنيا .وفي هذا الجوّ ،ينطلق التفاؤل بالمستقبل الكبير من أجل صنع القوى الوليدة الجديدة التي تمسك بزمام الأمر كلّه على اسم اللّه .