تلك هي صورة الكافرين ؛متاع قليل لا يلبث أن يتحوّل إلى عالم الموت ،وكيان يحترق حتّى يستحيل إلى رماد .[ لكن الذين اتَّقوا ربَّهُم] فوقفوا حيث يريد اللّه منهم أن يقفوا ،وتحرّكوا حيث يريد اللّه منهم أن يتحرّكوا ،في مختلف مجالات الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والعسكريّة ...لأنَّ لكلّ جانبٍ من جوانب الحياة تقوى تحكمها في ما يتحرّك فيها من أحكام شرعية ومفاهيم إسلامية تفرض على الإنسان الخضوع لها والانضباط على أساسها ؛انطلاقاً من شمول الإسلام لكلّ نواحي الحياة ،ما يوحي لك بأنَّ عليك أن تحسب حساب اللّه في ذلك كلّه ،ولا تستسلم لنزواتك ومزاجك ،أو لما يُحاول الآخرون أن يهوّلوا به عليك ،أو يبرروه لك من دون أن تملك فيه حجّة أو برهاناً ،فذلك هو خطّ التَّقوى الذي يُعطينا اللّهمن خلالهفكرةً عن الأجواء في الآخرة التي تنتظر السائرين عليه ...[ لهم جنَّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نُزُلاً من عند اللّه] فهو الذي ينزل رحمته على المتَّقين في الدُّنيا والآخرة ،[ وما عند اللّه خيرٌ للأبرار] فإنَّ هذه الآفاق الرحيبة التي تفتح قلب الإنسان وروحه على المتع الروحية المطلقة ،هي خير من كلّ ما يتطلعون إليه في الدُّنيا أو يفقدونه فيها ،وقد ورد في بعض الأحاديث المأثورة عن الجنَّة ونعيمها: «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر » .وهكذا تتقارن الصورتان أمام المؤمن ،صورة الكافرين وصورة المتَّقين ،ليقف مع الخطّ الإيماني التَّقي الأصيل من موقع النهايات السعيدة التي تنتظره في نهاية المطاف .