{ لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} الاستدراك هنا ب"لكن"للمقابلة بين المتقين الأبرار والمشركين الفجار بالنسبة للمآل ، فالكفار مآلهم جهنم ومتاعهم دنيوي قليل ، والمتقون لربهم المدركون لمعنى الربوبية الشاكرون لنعمته مآلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، وليست مدتها قليلة ، بل لهم فيها الخلود ، فالنعيم كثير والزمن طويل ، بينما الآخرون نعيمهم ضئيل قصير ، وعذابهم دائم كثير .
{ نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار} "النزل"ما يعد للضيف لإكرامه والحفاوة به ، ونصب ( نزلا ) على التمييز كما تقول كان لك هذا هبة ، أي من نوع الهبة ، وفي هذا بيان لمقدار عناية الرحمن الرحيم بهم ، وإدخالهم مدخل صدق ، وإنزالهم منزلا مباركا ، وقد بين العطاء الروحي بعد العطاء المادي ، فقال سبحانه:{ وما عند الله خير للأبرار} ، وقد حاول بعض المفسرين ان يقول إن الأبرار مرتبة أعلى من مرتبة المتقين ، سيرا على قاعدة( حسنات الأبرار سيئات المقربين ) ، ويكون تفسير النص السامي على نظرهم ، ومعناه ان ثمة للأبرار منزلة روحية ، وتكريما رضوانيا هو خير من المذكور ، ومع هذا لا مانع من ان نقول إن الذين اتقوا هم الأبرار ، والمعنى عن الله اعد لهم شيئا خيرا من النزل ، وهو الرضوان والنعيم الروحي مع النعيم المادي .