{ وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} .
/م71
وإن ممن يعيشون معكم ويساكنونكم ويرتبطون معكم برحم واصلة ، ويعلنون اسم الإيمان لمن يتثاقلون عند الدعوة إلى القتال ، فيبطئون ولا يخرجون ، يبطئون غيرهم ويثبطونهم . وهؤلاء لا ينظرون إليكم نظرة المحب الذي يودكم ، بل يترقبون الأمر معكم ، فإن أصابتكم هزيمة وقتية ، أو استشهد عدد منكم ، لا يتألمون ، بل يفرحون ، ويعتبرون قعودهم نعمة أنعم الله بها عليهم ، ويحمدون الله تعالى إذ لم يكونوا حاضرين هذه الحرب ! فمعنى{ شهيدا}حاضرا الحرب ، يقاتل فيقتل أو يقتل .
ومن هم هؤلاء ؟ أهم المنافقون ، أم ضعاف الإيمان ؟ قال أكثر مفسري الرواية:إنهم منافقون ، وذلك شأنهم . والتعبير ب "منكم"يحتاج إلى توفيق بين هذا وقوله تعالى في شأن المنافقين:{ ما هم منكم ولا منهم( 14 )}( المجادلة ) ، والتوفيق أن يقال هنا إن المراد بقوله منكم ، أي من أهلكم وعشيرتكم وتربطكم بهم رحم ، فكل منافق كان في قرابته من هو صادق الإيمان ، مجاهد في الله حق جهاده . ويزكي هذا قوله تعالى في الآية الآتية:{ كأن لم تكن بينكم وبينه مودة} .
وبعض المفسرين رأى أن المرادضعاف الإيمان ، ومن ليست عندهم عزيمة الجهاد ، وذلك موجود في كل جماعة ، ففي كل جماعة المؤمن القوي في نفسه ودينه ، ومنهم الضعيف في نفسه وهمته ودينه .
والحق أنه يصح أن يشمل التعبير الطائفتين:المنافقين وضعاف الأنفس والإيمان ، فكلا الفريقين لا يهمه إلا نفسه ، ولا يندمج إحساسه في إحساس أهل الإيمان ، فهو متربص منتظر ، فإن وجد هزيمة لا يألم ، بل يسر لأنها لم تصبه ، إذ لا يعتبر آلام جماعته إيلاما لنفسه ، وإن وجد نصرا تألم ، لأنه لم يكن من الغانمين الذين اشتركوا في المعركة ، ونالوا الفوز فيها ، ولذا قال سبحانه وتعالى في شأن هؤلاء في حال النصر:{ ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما} .