مناسبة النزول
قال الطبرسي في مجمع البيان: قيل: إنها نزلت في المؤمنين لأنه خاطبهم بقوله:{وَإِنَّ مِنْكُمْ} ،وقد فرّق بين المؤمنين والمنافقين بقوله:{مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ}[ المجادلة:14] وقال أكثر المفسرين: نزلت في المنافقين وإنما جمع بينهم في الخطاب من جهة الجنس والنسب لا من جهة الإيمان ،وهو اختيار الجبائي
المقابلة بين المؤمنين والمنافقين
ويتحدث القرآن عن بعض الفئات التي تعيش الضعف في الموقف ،بين فئةٍ تعاني من ضعف الإيمان والإرادة ،وبين فئة تعيش النفاق في داخلها ،في الوقت الذي تعيش في مجتمع المؤمنين كأية فئة منهم .{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ} وخلاصة موقفهم أنهم لا ينفرون مع النافرين ،بل يتباطأون متعلّلين ببعض الأعذار التي تبرر لهم ذلك ،حتى يخرج الجميع وتفوتهم الفرصة التي أرادوا أن تفوتهم ،{فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ} فإذا رجع المؤمنون من الجهاد وكانوا في موقع الهزيمة أو الفشل أو القتلفي ما عبّر عنه القرآن بالمصيبةقال هؤلاء الناس ،كما لو كانوا يتحدثون عن نعمة من نعم الله عليهم:{قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ} لأننا لم نشهد المعركة ،{إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً} فلم نصب بما أصيبوا به من قتل أو جرح أو نحو ذلك ،من دون أن يلتفتوا إلى الآفاق الروحية التي يعيش فيها المؤمنون الصادقون المجاهدون ،الذين يعتبرون القتل والجهد والجرح في سبيل الله ربحاً وسعادةً ،ينالون من خلالها رضا الله في الدنيا والآخرة ،وذلك جزاء المحسنين .فليست قصة الحياة لدى المؤمنين ،قصة استمتاع ولذة وامتياز ،ولكنها قصة مسؤولية ومعاناة وجهاد ؛فقد اشترى الله منهم أنفسهم أن يبذلوها في سبيله ،في أي موقع من مواقع العمل والجهاد المرّ .