{ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}
/م97
هذا استثناء من المصير الذي سيئول إليه هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم ، وهؤلاء هم ضعفاء حقا ، فقد استضعفهم الأعداء وأرهقوهم ، ولم تكن عندهم قوة تمكنهم من الإفلات من بقائهم في أرضهم وخروجهم إلى أرض الإسلام .
وهؤلاء ثلاثة أصناف:
أولهم:ضعفاء الرجال من الشيوخ الفانين ، والمرضى وذوي العاهات ، ونحوهم ، ومن هؤلاء من كان لا يرضى بالذلة ولو فنى بالطريق ! ويروى أنه لما نزلت هذه الآية بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسلمي مكة ، فقال ضمرة بن جندب لبنيه:احملوني ، فإني لست من المستضعفين ، وإني لأهتدي إلى الطريق ، والله لا أبيت ليلة بمكة ! . فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة ، وكان شيخا كبيرا فمات في الطريق ! .
والصنف الثاني:النساء اللائي لا يستطعن الخروج ، إما لثقلهن بالأولاد ، وإما لخشية أمن الطريق ، وإما لعدم وجود زوج يصحبها ، ولا ذي رحم محرم يكون معها في الطريق .
والصنف الأخير:الولدان ، وقد قال بعض المفسرين:إنهم العبيد ونحوهم ، وذلك القول ليس بشيء ، والأصح أنهم الصبيان ، ويقول الزمخشري:إنهم الذين تجاوزوا الحلم قريبا . ويصح أن يكون المراد هؤلاء والأولاد الذين يتبعون آباءهم ، أو الذين ليس لهم آباء يتبعونهم ، وهم بهذا الضعف غير مسئولين ، واستثناؤهم لعدم تكليفهم أو لأنهم لا قوة لهم على تفسير الزمخشري ؛ إذ إن ضعف الصبا لا يزال بهم ، إذا كانوا قد بلغوا الحلم ، ولم يدخلوا في دور الرجولة .
وقد ذكر سبحانه الوصف الذي استوجب استثناءهم ، فقال سبحانه:{ لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا} ، والحيلة المراد بها التحول من حالهم التي هم عليها إلى غيرها أي لا يستطيعون تحولا ولا انتقالا لعجزهم المطلق بمرض أو زمانة أو شيخوخة ، أو يستطيعون التحول ، ولكن لا يهتدون إلى الطريق الموصل كالصبيان القريبي العهد بالبلوغ ، بحيث لو خرجوا هلكوا .