قوله:{ إلاّ المستضعفين} استثناء من الوعيد ،والمعنى إلاّ المستضعفين حقّاً ،أي العاجزين عن الخروج من مكة لقلّة جهد ،أو لإكراه المشركين إيّاهم وإيثاقهم على البقاء: مثل عيّاش بن أبي ربيعة المتقدّم خبره في قوله تعالى:{ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلاّ خطئاً}[ النساء: 92] ،ومثل سلمة بن هشام ،والوليد بن الوليد .وفي « البخاري » أنّ رسول الله كان يدعو في صلاة العشاء: « اللهمّ نجّ عيّاش بن أبي ربيعة اللهمّ نجّ الوليد بن الوليد ،اللهمّ نجّ سلمة بن هشام اللهمّ نجّ المستضعفين من المؤمنين » .وعن ابن عباس: كنتُ أنا وأميّ من المستضعفين .
والتبيين بقوله:{ من الرجال والنساء والولدان} لقصد التعميم .والمقصد التنبيه على أنّ من الرجال مستضعفين ،فلذلك ابتدىء بذكرهم ثم ألحق بذكرهم النساء والصبيان لأنّ وجودهم في العائلة يكون عذراً لوليّهم إذا كان لا يجد حيلة .وتقدّم ذكرهم بقوله تعالى:{ وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان}[ النساء: 75] ،وإعادة ذكرهم هنا ممّا يؤكّد أن تكون الآيات كلّها نزلت في التهيئة لفتح مكة .
وجملة:{ لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً} حال من المستضعفينَ موضّحة للاستضعاف ليظهر أنّه غير الاستضعاف الذي يقوله الذين ظلموا أنفسهم{ كُنَا مستضعفين في الأرض} ،أي لا يستطيعون حيلة في الخروج إمّا لمنع أهل مكة إيّاهم ،أو لفقرهم:{ ولا يهتدون سبيلاً} أي معرفة للطريق كالأعمى .