{إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} مراعاةً لظروفهم الصعبة ،وربما كان التعبير بكلمة{عَسَى} التي لا توحي بالجزم ،ليظل الإنسان في حالة استنفارٍ دائمٍ لقدراته وإمكاناته ،فلا يسترخي أمام حالة العجز بشكل سريع .{وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} فقد سبقت رحمته غضبه ،في ما ينحرف به الناس عن الخط نتيجة هفوة أو ضعف أو عجز ...فإنه لا يكلف نفساً إلا وسعها ،وهو خير الغافرين .
ولا بد لنا من إيضاح ما أشرنا إليه ضمن حديثنا هذا ،وهو أن الاستضعاف قد يكون في العقيدة ؛وذلك في الحالات التي لا يملك فيها الإنسان وسائل المعرفة للانفتاح على ما هناك من أفكار وأديان وشرائع ،وقد يكون الاستضعاف في العمل والسلوك ،وذلك في المجالات التي تكون فيها إرادته مسحوقة تحت ضغط إرادة أخرى قاهرة ؛وفي كلا الحالين يتحدد العذر بإمكانات التخلّص من الطوق المضروب حول الإنسان بالهجرة إلى أماكن أخرى ،أو بالانتظار إلى وقت آخر ،أو بغير ذلك من الوسائل العملية للخروج من المأزق ،فمع توفرها لا عذر للإنسان بالبقاء في حالة الضعف ،أما مع عدم توفرها ،فإن الله هو العفو الغفور .