{ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها}
/م35
صور الله سبحانه وتعالى حالهم بهذا النص الكريم ، وهو أنهم اجتمع لهم العذاب الشديد المؤلم ، والرغبة في الخروج منه ولكنه أمر لازم غير قابل للانفصال عنهم ، فهم يريدون راغبين ملحفين أن يخرجوا من النار وعذابها الشديد ، وكلما نضجت جلودهم بدلهم الله تعالى جلودا غيرها ، وهم يريدون الخروج منها ولو بالموت والفناء ، ولكنهم ليسوا بخارجين منها ، وقد عبر سبحانه وتعالى عن رغبتهم بالفعل ، فقال سبحانه:{ يريدون أن يخرجوا من النار} .
أي أنهم يريدون أن يقع الخروج على أي صورة كان فهم يطلبون الخروج من العذاب ولو كان بعده الموت ، وقد نفى الله تعالى الخروج بنفي الوصف ، لا بنفي الفعل فقال:{ وما هم بخارجين} أي أنه ليس من شأنهم أن يخرجوا ، ولا يصح أن نثبت لهم وصف الخروج ، لأن العذاب هو الجزاء الحق الوفاق لما ارتكبوا ، فلا يسوغ أن يقع الخروج منه أبدا ، وقد أكد سبحانه بقوله تعالى:{ ولهم عذاب مقيم} .
هذا النص الكريم يفيد دوام ذلك العقاب من غير زمن محدود ، بل هو دائم ملازم ثابت ، وهنا نصان كريمان متقابلان:أولهما قوله تعالى:{ ولهم عذاب أليم} قد وصف فيه العذاب صراحة بأنه مؤلم ، وجاء الثبات من صيغة اللفظ بوزن فعيل ، ثانيهما- هذا النص وقد وصف بالإقامة والاستمرار والدوام صراحة ، وفهم الإيلام من التعبير بكلمة "عذاب".
ولا شك أن العذاب المؤلم الدائم هو الجزاء لمن فرط في أمر دنياه ، وجعلها رجسا وفسوقا فقد اشترى هذه الحياة الفانية ، بالحياة الباقية فكان حقا أن يجعل الله تعالى جزاءه أن يحرمه من كل ما في الحياة الآخرة من الخير ، ويذيقه وبال أمره جزاء وفاقا لما قدمت يداه ، واجترح من سيئات . . اللهم اكتب التوبة لنا ، ولا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا ، واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم .