القول في تأويل قوله عز ذكره:يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)
قال أبو جعفر:يعني جل ثناؤه بقوله:"يريدون أن يخرجوا من النار "، يريد هؤلاء الذين كفروا بربهّم يوم القيامة، أن يخرجوا من النار بعد دخولها، وما هم بخارجين منها="ولهم عذاب مقيم "، يقول:لهم عذابٌ دائم ثابت لا يزول عنهم ولا ينتقل أبدًا، كما قال الشاعر:(1)
فَــإنَّ لَكُــمْ بِيَـوْمِ الشِّـعْبِ مِنِّـي
عَذَابًـــا دَائِمًـــا لَكُــمُ مُقِيمَــا (2)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
11906 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة:أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رحمه الله:أعمى البصر أعمى القلب، يزْعُم أن قومًا يخرجون من النار، (3) وقد قال الله جل وعز:"وما هم بخارجين منها "؟ فقال ابن عباس:ويحك، اقرأ ما فوقها! هذه للكفّار.
-----------------
الهوامش:
(1) لم أعرف قائله.
(2) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1:165.
(3) في المطبوعة:"يا أعمى البصر أعمى القلب ، تزعم. . . ."كأن نافعًا يوجه الحديث إلى ابن عباس ، وهذا عجيب أن يكون من نافع ، مع اجترائه وسلاطته! وكان في المخطوطة:"ما عمي البصار أعمى القلب ، برعم"، هكذا غير منقوطة ، فرأيت أن أقرأها كما أثبتها ، على أنه إخبار لابن عباس عمن يقول ذلك.