( أفلا يتوبوا إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) بعد أن حذرهم سبحانه من الاستمرار على قولهم الإفك وادعائهم على المسيح عليه السلام رغبهم في الإيمان بعد الترهيب من العذاب الأليم ، وأن كتاب الله سبحانه وتعالى يجمع بين الترغيب والترهيب ، ليؤمنوا خوفا من عذاب الله تعالى أو طمعا في ثوابه أو لهما معا ، سيق الكلام لهذا ، وليبين أن باب المغفرة مفتوح لمن استغفر وطلب الغفران .
وقوله تعالى:( أفلا يتوبون ) الاستفهام للدلالة على أمور ثلاثة:أولها ، توبيخهم على ما كان منهم وأنه يستحق التوبة والاستغفار ، وثانيها ، فيه تعجب من بقائهم على حالهم من الإفك والإصرار عليه من أنه لا يقبله عقل ، ولا يذعن له مصدق ، بل لا يتصوره متصور . ويدل ثالثا ، على تحريضهم على التوبة ، أي الرجوع الى الله تعالى وما تقره العقول ولا تنبو عنه الأفهام ، وعلى طلب الغفران عما سلف منهم من قول ، وإن باب الغفران مفتوح ، ولذلك ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالت كلماته:( والله غفور رحيم ) والله جل جلاله المعبود ولا معبود بحق سواه يغفر لمن تاب ورجع إليه وهو رحيم بعباده ، لا يرضيه أن يشقوا وأن رحمته سبقت عذابه وأنه سبحانه ليفرح بتوبة عبده أكثر من فرح العبد بقبولها ، لأن الله تعالى يريد بعبده الصلاح والإصلاح ، ولا يريد له الفساد والإفساد وإذا تاب العبد انقلب من الفساد الى الإصلاح .