إذا كان الناس يضلون في تفكيرهم الجماعي ، فلا تطعهم لأنهم يظنون ظنا والظن لا يغنى من الحق ، فإن الله هو الذي يعلم من يضل ومن يهديه ، ولذلك قا ل( إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله ) .
أكد الله سبحانه وتعالى أنه هو وحده الذي يعلم علما لا يدانيه علم بمن يضل عن سبيله وهنا أمور بيانية نشير اليها:
أولها:أن الله سبحانه وتعالى عبر ب ( ربك ) وهو إشارة على كمال علمه الخاص بالأنفس لأنه ربها الذي كونها وربها وقام عليها ووجهها على النجدين نجد الخير ونجد الشر .
ثانيها:أن ( اعلم ) بصيغة أفعل التفضيل وليست على بابه لأنها إذا كانت على بابه تكون موازنة بين علمه تعالى وعلم غيره ، وعلم غيره لا يوزن به علم الله تعالى إذ هو نسبي وعلم الله تعالى علم إحاطة شاملة ، ومعنى ( ربك أعلم ) أنه سبحانه وتعالى يعلم من يضل ومن يهتدي علما ليس فوقه علم ولا يصل إليه علم كائنا لمن كان .
ثالثها:أن قوله:( من يضل عن سبيله ) فيه حرف جر محذوف دل عليه قوله تعالى بعد ذلك ( وهو أعلم بالمهتدين ) ف ( من ) على حد تعبير النحويين منصوب بنزع الخافض .
رابعا:أن قوله تعالى:( يضل عن سبيله ) عبر بالمضارع للدلالة على بقائه في الضلال مع تجدده كلما جاء تارة يضل عنه ، ويزداد إيغالا في الضلال ومعنى ( عن سبيله ) أي عن طريق الهداية والوصول إلى الحق المبين .
خامسا:أن الله سبحانه وتعالى أكد علمه الذي لا يصل إليه علم ب ( أن ) الدالة على التوكيد وبالجملة الاسمية وبضمير الفصل الذي يدل على تأكيد الخبر .
( وهو أعلم بالمهتدين ) العطف على ( هو ) في الجملة السابقة وتكرر ضمير الفصل تأكيدا للإسناد وعبربالصفة بالنسبة لمن لم يضلوا تأكيد لهدايتهم وأنهم بسلوكهم طريق الحق ، قد أنار الله تعالى قلوبهم فكانوا مهتدين بهدايته .