ويختتم القرآن هذا الفصل بالآية الكريمة:{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ} ليؤكد للرسول الداعية أن يستمر في طريق الدعوة إلى الله ،ولا يلتفت إلى المعوّقات والعقبات التي تواجهه في الطريق ،وذلك بتحديد مسؤوليته عن النتائج السلبية والإيجابية ،بالحدود التي تتناسب مع قدراته ،في ما يملك من أساليب الدعوة ،أو في ما يستطيعه من وسائل إثارة الأجواء وتحريك الساحة في هذا الاتجاه .أمّا ماذا يحدث بعد ذلك ؟فهو أمرٌ راجعٌ إلى الله ،الذي هو أعلم من يضل عن سبيله من خلال ما يعلمه من طبيعة الظروف الداخلية والخارجية المحيطة به التي تحرّك إرادته في هذا الاتجاه المنحرف{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ،في ما ينطلقون به من إرادةٍ صلبةٍ ،وتفكير قويّ ،وحركة واعية ،تقودهم إلى خط الإيمان به .
وذلك هو السبيل الأقوم الذي ينبغي للعاملين في سبيل الله والدعاة إليه أن يقتدوا به ،ويحددوا الخط الفاصل بين مسؤوليتهم في حركة الدعوة ،وبين ما هو خارجٌ عن نطاق مسؤوليتهم فيها ،مما يرجع أمره إلى الله ،لئلا يفقدوا الرؤية الواضحة في ما هو دورهم الطبيعي العملي ،فلا يعيشوا العقدة النفسية أمام النتائج السلبية التي قد تحدث لهم لأسباب خارجةٍ عن اختيارهم لعلاقتها بأوضاعٍ وظروف عامة أو خاصة بعيدةٍ عن أجواء الدعوة وأساليبها .