( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) .
الاستفهام هنا إنكاري للنفي وفيه توبيخ للمشركين هو حكم على أمر واقع ، ومعنى القول:لا أحد أظلم من الذي قصد إلى الفرية على الله تعالى ، أو كذب الحجج القائمة أو كذب ما جاء في القرآن الكريم من آيات بينات ، ومعنى النص أن المشركين كذبوا على الله تعالى بكل عقائدهم وبذلك بلغوا أقصى درجات الظلم الذي لا يوجد أعلى منه ، إذ يلغوا أقصى غايات الكذب الذي يبهت العقلاء والأمناء الصادقين وقد قال الزمخشري في بيان كذبهم على الله تعالى:( جمعوا بين أمرين متناقضين ، فكذبوا على الله تعالى بما لا حجة عليه وكذبوا بما ثبت بالحجة البينة والبرهان الصحيح ، حيث قالوا:لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا والله أمرنا بها ، وقالوا:الملائكة بنات الله ، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله ، ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب ، وذهبوا فكذبوا القرآن والمعجزات وسموها سحرا ولم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم .
هذه بعض أكاذيبهم على الله تعالى التي بلغوا بها أقصى درجات الكذب وبها استحقوا أن يكونوا هم ، ومن يشابهونهم أكثر الناس افتراء ، وأظلم الناس في هذا الافتراء وخلاصتها أنهم كذبوا على الله تعالى بأن ادعوا عليه سبحانه ما لم يكن ، وكانوا في ذلك مرتكبين لأعظم بهتان ، وكذبوا بآياته ، والآيات قسمان:آيات هي المعجزات ومنها التي تحدى بها الأنبياء والآيات الكونية وقد كذبوا الاثنين ، وكفروا بآيات الله تعالى في آيات الكون الدالة على إبداع خلقه ، وأنه سبحانه هو الخالق وحده ، وهناك الآيات القرآنية قد كذبوا بها فلم يؤمنوا .
ولا يمكن أن يفوزوا وهم على هذا الظلم ، ولذلك ختم الله تعالى الآية بقوله تعالت كلماته:( انه لا يفلح الظالمون ) فالظلم وخصوصا ظلم الكذب يفسد النفس ، ويفسد العقل ويفسد العمل .