ولما كان هذا الخسران أعظم ظلم ظلم به هؤلاء الكفار أنفسهم قال تعالى فيهم:{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته} أي لا أحد ، أظلم ممن افترى على الله كذبا كزعم من زعم أن له ولدا أو شريكا أو أن غيره يدعى معه أو من دونه ويتخذ وليا له بقرب الناس إليه زلفى ويشفع لهم عنده ، أو زاد في دينه ما ليس منه-أو كذب بآياته المنزلة كالقرآن المجيد ، أو آياته الكونية الدالة على وحدانيته والتي يؤيد بها رسله ، وإذا كان كل من هذا التكذيب وذلك الكذب والافتراء يعد وحده غاية في الظلم ويطلق على صاحبه اسم التفضيل فيه فكيف يكون حال من جمع بينهما فكذب على الله وكذب بآياته المثبتة للتوحيد والمثبتة للرسالة ؟ .
ثم بين سوء عاقبة الظالمين فقال:{ إنه لا يفلح الظالمون ( 21 )} هذا استئناف بياني وقع موقع جواب السؤال أي الحال والشأن أن الظالمين عامة لا يفوزون في عاقبة أمرهم يوم الحساب والجزاء بالنجاة من عذاب الله تعالى ولا بنعيم الجنة مهما يكن نوع ظلمهم ، فكيف تكون عاقبة من وصف بأنه لا أحد أظلم منه لافترائه على الله تعالى أو لتكذيبه بآياته ؟ ثم كيف تكون عاقبة من جمع بين هذين الأمرين الأقبحين فكان أظلم الظالمين ؟ .
الآية نزلت في الكافرين فلهذا يغفل الناس عن صدقها على من كذب على الله تعالى وهو يسمي نفسه أو يسميه الناس مؤمنا أو مسلما ، كأن يقول بقول أولئك المشركين فيتخذ غير الله وليا ويدعوه ليشفع له عنده ، أو يزيد في دين الله برأيه فيقول:هذا واجب ، وهذا حلال وهذا حرام فيما لم ينزل الله به وحيا ولا كان مما بلغه رسوله صلى الله عليه وسلم من دينه .