بنو إسرائيل بعد الإنقاذ:
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ( 137 ) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ( 138 ) إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( 139 ) قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ( 140 ) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ( 141 )
كان بنوا إسرائيل مستضعفين في أرض مصر ، ومن يكون تحت فرعون يكون مستضعفا ذليلا ولو كان من أهلها ، ولكن بني إسرائيل استضعفوا لغربتهم ، ولحكم فرعون .
خرجوا من ذل فرعون وملئه ، وأورثهم الله تعالى مشارق الأرض ومغاربها بعد أن استضعفوا بذل فرعون ، وأرهقهم ظلما خاصا بهم ، وقد صار لهم بعد خروجهم من مصر ملك عريض:شرق وغرب ، وخصوصا في حكم داود وسليمان ، والملوك ، ووصف الأرض بأن الله بارك فيها ، يشير هذا إلى أنها الأرض المقدسة ، فقد أخذوا شرقها وغربها ، وما أحاط بها ، وكانت أرضا قد بارك الله فيها بالخصب ، وأنها يجتمع فيها النبييون في إسراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمعراج .
{ وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} وكلمة الله هي ما وعد به تعالى بنصرهم ، إذ قال:{ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ( 5 )} ( القصص ) .
ووصف الله – سبحانه وتعالى – الكلمة – بأنها الحسنى – وهي مؤنث – لأن هذه الكلمة المباركة أوصلتهم إلى أحسن أحوالهم ، وأبركها عليهم .
{ بما صبروا} ، هذا ما كان لبني إسرائيل ، أما ما كان لفرعون وملئه ، فقد دمر الله تعالى ما كان يصنع فرعون من بناء وما كان من جنات ، وما كانوا يعرشون فيها زراعات وغروس تكون بالعرش والسقف على الأرض ، فلا يرى سوداؤها من خضرائها ، كما قال تعالى:
{ كم تركوا من جنات وعيون ( 25 ) وزروع ومقام كريم ( 26 ) ونعمة كانوا فيها فاكهين ( 27 ) كذلك وأورثناها قوما آخرين ( 28 )} ( الدخان ) .
هذه نعم أنعم الله بها على بني إسرائيل بسبب صبرهم على ظلم فرعون ، وإنه لبلاء عظيم . ولكن هل قدروا النعمة حق قدرها ، ذلك ما ستبينه الآيات التالية: