ثم بين الرسول الأمين واجبه وهو التبليغ والنصيحة ، والدعوة إلى الهداية فقال الله تعالى عنه:{ أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون ( 62 )} .
{ أبلغكم رسالات ربي} وعبر عنها بصيغة الجمع للدلالة على أنها متعددة النواحي ، فهي للتوحيد ، وهو رأسها ، وعمادها . وإصلاح الجماعة ، ونشر الفضيلة ، وتكوين الأسرة ، وتنظيم المعاملات الإنسانية على أساس العدل ومنع البغي ولتعميم الإحسان ، وإصلاح الأرض ومنع الفساد .
ولقد قال بعض العلماء:ما كانت بعثة نوح لقومه فقط ، بل لجيله ومن يتبعه إلى أن يجيء من ينسخ شريعته ، وأضاف الرسالات إلى ربه – سبحانه وتعالى – لأنه منزلها ، ولأنه القائم على الوجود ، والمربي له ، والعالم بكل ما يصلحه ، وذكر أمرين يقوم بهما بعد تبليغ رسالات ربه ، وإعلانها لهم:
أوالهما – أنه ينصح لهم ، بمحض الحق مخلصا لهم ، لا يأتي إلا بما فيه نفعهم ، والخير العميم لهم ، والنصيحة والنصح إخلاص النية من الغرض وقصد الفساد ، نصحته ونصحت له ، أي أخلصتها له .
ثانيهما – الإشارة إلى أنه عنده علم من الله لا يعلمونه ؛ لأنه يخاطبه الله تعالى وحيا أو برسول من الملائكة أرسله إليه ؛ ولذا قال في تأكيد نصحه ، وبيان صدقه ، وانه مرشد:{ وأعلم من الله ما لا تعلمون} فاقبلوا نصحي وإرشادي ، فإنه ليس مني ، ولكن من الله ربكم ورب العالمين .