{ وما جعله الله إلا بشرى} .
الضمير يعود إلى المصدر المشتق من ( ممددكم ) ، أي أن ذلك الإمداد كان روحانيا فيه بشرى أي تبشير لكم بالنصر وإنه آت لا ريب فيه ، وفيه أمن للقلوب ، ولتدخل الحرب مع رجاء النصر ، فرجاء النصر والاطمئنان إليه مع أخذ الأهبة نصر على النفس ، وابتداء النصر اطمئنان النفس فلا تفزعن ولا تهاب ، ولا تخور ؛ ولذا قال سبحانه:{ ولتطمئن به قلوبكم} ، فلا تجزع في غير خوف ولا وجل ، وإنه وحده الناصر فما كان الإمداد بالملائكة ، والإخبار به إلا لتطمئن القلوب .
وإنه بعد اتخاذ الأسباب لا يكون النصر{ إلا من عند الله} العزيز الحكيم أي الغالب الذي يدبر لكل شيء وبأمره سبحانه وتعالى .
وفي الآيتين الكريمتين إشارات بيانية تليق بكتاب الله معجزة الوجود الإنساني كله:
أولاها – تأكيد الإمداد بالملائكة تلك القوى الروحانية التي تبشر وتطمئن فقد أكدها بالتوكيد بأن في قوله تعالى:{ أني ممدكم} وبإضافة الإمداد إليه سبحانه ، وهو القوي القهار الغالب على كل شيء .
وثانيها – بالجملة الاسمية الدالة على البقاء والاستمرار .
وثالثها – الحد بألف الذي يوازي عدد المشركين أو يزيد ، وهو على القراءات الأخرى أضعاف عدد المشركين .
ومن الإشارات البيانية – ضرورة الاعتماد على الله بعد اخذ الأهبة ، وإعداد العدة ، فقد قال تعالى:{ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، فقد قصر النصر مهما تتوافر أسبابه على أنه من عند الله فلا نصر إلا منه ، والقصر بالنفي والإثبات فنفي وجود أي نصر إلا أن يكون من عند الله ، ووصفه سبحانه وتعالى بما يزكي هذا القصر ، فهو العزيز الذي لا يغلب ، وهو الحكيم الذي يدبر الأمور بحكمته ومن مقتضاها أن ينصر الحق ويخذل الباطل ، فهو وحده ناصر الحق دائما ، وتأكيد ذلك ب ( إن ) والجملة الاسمية .