قوله تعالى:{وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ لَظَالِمِين َفَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [ 78-79] .
ذكر جل وعلا في هذه الآية أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين وأنه جل وعلا انتقم منهم بسبب ظلمهم ،وأوضح هذه القصة في مواضع أخر كقوله في الشعراء{كَذَّبَ أَصْحَابُ لْأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْفُواْ الْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُخْسِرِين َوَزِنُواْ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيم ِوَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ في الأرْضِ مُفْسِدِينَ وَاتَّقُواْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ قَالُواْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} [ الشعراء:176-190] فبين في هذه الآية أن ظلمهم هو تكذيب رسولهم وتطفيفهم في الكيل وبخسهم الناس أشياءهم ،وأن انتقامه منهم بعذاب يوم الظلة ،وبين أن عذاب يوم عظيم ،والظلة سحابة أظلتهم فأضرمها الله عليهم ناراً فأحرقتهم والعلم عند الله تعالى .
قرأ نافع وابن عامر وابن كثير «ليكة » .في «الشعراء » و «ص » بلام مفتوحة أول الكلمة وتاء مفتوحة آخرها من غير همز ولا تعريف على أنه اسم للقرية غير منصرف .وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي «الأيكة » بالتعريف والهمز وكسر التاء ،وقرأ كذلك جميع القراء في «ق » و «الحجر » .قال أبو عبيدة: ليكة والأيكة اسم مدينتهم كمكة وبكة ،والأيكة في لغة العرب الغيضة وهي جماعة الشجر والجمع الأيك ،وإنما سموا أصحاب الأيكة لأنهم كانوا أصحاب غياض ورياض ،ويروى أن شجرهم كان دوماً وهو المقل ،ومن إطلاق الأيكة على الغيضة قول النابغة:
تجلو بقادمتي حمامة أيكة *** برداً أسف لثانه بالإثمد
وقال الجوهري في صحاحه: ومن قرأ أصحاب الأيكة فهي الغيضة ،ومن قرأ ليكة فهي اسم القرية ،ويقال: هما مثل بكة ومكة .وقال بعض العلماء: الأيكة الشجرة ،والأيك هو الشجر الملتف .