قوله تعالى:{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمانُ فاتبعوني وَأَطِيعُواْ أمري 90 قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى 91} .
بين جل وعلا في هاتين الآيتين الكريمتين: أن بني إسرائيل لما فتنهم السامري وأضلهم بعبادة العجل ،نصحهم نبي الله هارون عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ،وبين لهم عبادتهم العجل فتنة فتنوا بها ؛أي كفر وضلال ارتكبوه بذلك ،وبين لهم أن ربهم الرحمن خالق كل شيء جل وعلا ،وأن عجلاً مصطنعاً من حلي لا يعبده إلا مفتون ضال كافر .وأمرهم باتباعه في توحيد الله تعالى ،والوفاء بموعد موسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام وأن يطيعوه في ذلك ؛فصارحوه بالتمرد والعصيان والديمومة على الكفر حتى يرجع موسى .وهذا يدل على أنه بلغ معهم غاية جهده وطاقته ،وأنهم استضعفوه وتمردوا عليه ولم يطيعوه .
وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع ،كقوله في «الأعراف »:{قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ استضعفوني وَكَادُواْ يقتلونني فَلاَ تُشْمِتْ أبى الأعداء وَلاَ تجعلني مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .