قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ في ذالِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ} .
قوله:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ} ،قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة «البقرة » ،في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ} [ البقرة: 164] الآية .وقوله:{وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ} ،قد أوضح تعالى في غير هذا الموضع أن اختلاف ألوان الآدميين واختلاف ألوان الجبال ،والثمار ،والدواب ،والأنعام ،كل ذلك من آياته الدالَّة على كمال قدرته ،واستحقاقه للعبادة وحده ،قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أنَزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ ألوانهَا وغرابيب سود}{ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألواه كذلك} [ فاطر: 27-28] ،واختلاف الألوان المذكورة من غرائب صنعه تعالى وعجائبه ،ومن البراهين القاطعة على أنه هو المؤثر جلَّ وعلا ،وأن إسناد التأثير للطبيعة من أعظم الكفر والضلال .
وقد أوضح تعالى إبطال تأثير الطبيعة غاية الإيضاح في سورة «الرعد »:{وَفِى الأرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِراتٌ} ،إلى قوله:{لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [ الرعد: 4] .وقرأ هذا الحرف حفص وحده عن عاصم:{إِنَّ في ذالِكَ لآيَاتٍ لّلْعَالَمِينَ} بكسر اللام ،جمع عالم الذي هو ضدّ الجاهل .وقرأه الباقون:{لّلْعَالَمِينَ} بفتح اللام ؛كقوله:{رَبّ الْعَالَمِينَ} .