قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} .
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ،أن المؤمنين ،إن نصروا ربهم ،نصرهم على أعدائهم ،وثبت أقدامهم ،أي عصمهم من الفرار والهزيمة .
وقد أوضح هذا المعنى في آيات كثيرة ،وبين في بعضها صفات الذين وعدهم بهذا النصر كقوله تعالى{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ} [ الحج: 40] ،ثم بين صفات الموعودين بهذا النصر في قوله تعالى بعده{الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ في الأرض أَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور} [ الحج: 41] ،وكقوله تعالى:{وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ} [ الروم: 47] ،وقوله تعالى:{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ في الحياة الدُّنْيَا} [ غافر: 51] الآية .وقوله تعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين َإِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [ الصافات: 171 -173] إلى غير ذلك من الآيات .وقوله تعالى في بيان صفات من وعدهم بالنصر في الآيات المذكورة:{الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ في الأرض أَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ} [ الحج: 41] الآية .يدل على أن الذين لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ،ليس لهم وعد من الله بالنصر ألبتة .
فمثلهم كمثل الأجير الذي لم يعمل لمستأجره شيئاً ثم جاءه يطلب منه الأجرة .
فالذين يرتكبون جميع المعاصي ممن يتسمون باسم المسلمين ثم يقولون: إن الله سينصرنا مغررون لأنهم ليسوا من حزب الله الموعودين بنصره كما لا يخفى .
ومعنى نصر المؤمنين لله ،نصرهم لدينه ولكتابه ،وسعيهم وجهادهم ،في أن تكون كلمته هي العليا ،وأن تقام حدوده في أرضه ،وتتمثل أوامره وتجتنب نواهيه ،ويحكم في عباده بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم .