وجاء بعدها{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ} وهي من أسماء القيامة أيضاً ،كما قال تعالى:{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [ القارعة: 3 -14] الآية .
سميت بالحاقة لأنه يحق فيها وعد الله بالبعث والجزاء ،وسميت بالقارعة ،لأنها تقرع القلوب بهولها{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى} [ الحج: 2] .
كما سميت الواقعة{الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [ الواقعة: 2] .
قوله تعالى:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ} .والطَّاغية فاعلة من الطُّغيان ،وهو مجاوزة الحد مطلقاً ،كقوله:{إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ} [ الحاقة: 11] .
وقوله:{إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} [ العلق: 6] .
وقد اختلف في معنى الطغيان هنا ،فقال قوم: طاغية عاقر الناقة ،كما في قوله تعالى:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا} [ الشمس: 11 -12] فتكون الباء سببية أي بسبب طاغيتها ،وقيل: الطاغية الصيحة الشديدة التي أهلكتهم ،بدليل قوله تعالى:{إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [ القمر: 31] فتكون الباء آلية ،كقولك: كتبت بالقلم وقطعت بالسكين .
والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني لقوله تعالى:{وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [ الذاريات: 43 -44] ،ولو قيل: لا مانع من إرادة المعنيين لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب ،لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيداً ،ويشير إليه قوله تعالى:{فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} [ الذاريات: 44] .