قوله تعالى:{يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ} .
مادة يشرب تتعدى بنفسها ،فيقال: يشرب كأساً بدون مجيء من ،ومنللتبعيض وللابتداء ،فقيل: هي هنا للابتداء ،وأن الفعل مضمن معنى فعل آخر ،وهو يتنعمون ويرتوون كما قالوا في عيناً يشرب بها عباد الله .إذ الباء تكون للإرادة ولا إرادة هنا ،فهم يتنعمون بها .
والذي يظهر أنمن للتبعيض فعلاً ،وأن شرب أهل الجنة على سبيل الترفه والتلذذ ،وهي عادة المترفين المنعمين ،يشربون بعض الكأس لا كله .
وقد دل على ذلك أنهم لا يشربون عن ظمإ كما في قوله تعالى لآدم{إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى} [ طه: 118 -119] ،وسيأتي تعدية يسقون بنفسها إلى الكأس{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً} [ الإنسان: 17] ،ويأتي قوله تعالى{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [ الإنسان: 6] .
ويؤيد هذا اتفاقهم على التضمين في{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} ،فهو هنا واضح .
وهناك التبعيض ظاهر .