قوله تعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} .
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ،بيان ذلك في سورة ق عند الكلام على قوله تعالى:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ 17 مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} .
وأحال عندها على بعض ما جاء في سورة مريم عند قوله تعالى:{كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} .
وبين رحمة الله تعالى علينا وعليه أن هذه الكتابة لإقامة الحجة على الإنسان ،كما في قوله:{وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً 13 اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} .
وقيل في حافظين: يحفظون بدن الإنسان .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأنعام عند الكلام على قوله تعالى:{وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} مستدلاً بقوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} .
وممَّا تجدر الإشارة إليه ،أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات ،من كونهم حافظين كراماً يعلمون ،فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل ،لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة ،وعلم بما يكتبون .
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء .
ولذا قالوا: على القاضي أن يتخير كاتباً أميناً حسن الخط فاهماً .
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل ،وكونهم حفظة لا يضيعون شيئاً ،ولو كان مثقال الذرة{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} .