معنى{ ما دامت السّماوات والأرض} التأييد لأنّه جرى مجرى المثَل ،وإلاّ فإنّ السّماوات والأرض المعرُوفة تضمحلّ يومئذٍ ،قال تعالى:{ يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسماوات}[ إبراهيم: 48] أو يراد سماوات الآخرة وأرضها .
و{ إلاّ ما شاء ربك} استثناء من الأزمان التي عمّها الظرف في قوله:{ ما دامت} أي إلاّ الأزمان التي شاء الله فيها عدم خلودهم ،ويستتبع ذلك استثناء بعض الخالدين تبعاً للأزمان .وهذا بناء على غالب إطلاق{ ما} الموصولة أنّها لغير العاقل .ويجوز أن يكون استثناء من ضمير{ خالدين} لأنّ{ ما} تطلق على العاقل كثيراً ،كقوله:{ ما طاب لكم من النّساء}[ النساء: 3] .وقد تكرّر هذا الاستثناء في الآية مرّتين .
فأمّا الأوّل منهما فالمقصود أنّ أهل النّار مراتب في طول المدة فمنهم من يعذّب ثمّ يعفى عنه ،مثل أهل المعاصي من الموحّدين ،كما جاء في الحديث: أنّهم يقال لهم الجهنميون في الجنّة ،ومنهم الخالدون وهم المشركون والكفّار .
وجملة{ إنّ ربّك فعّال لما يريد} استئناف بيانيّ ناشىء عن الاستثناء ،لأنّ إجمال المستثنى ينشىء سؤالاً في نفس السّامع أن يقول: ما هو تعيين المستثنى أو لماذا لم يكن الخلود عاماً .وهذا مظهر من مظاهر التفويض إلى الله .