والمسوّمَة: التي لها سِيما ،وهي العلامة .والعلامات توضع لأغراض ،منها عدم الاشتباه ،ومنها سهولة الإحضار ،وهو هنا مكنّى به عن المُعدّة المهيّئة لأن الإعداد من لوازم التوسيم بقرينة قوله:{ عند ربك} لأن تسويمها عند الله هو تقديره إياها لهم .
وضمير{ وما هي} يصلح لأن يعود إلى ما عادت إليه الضمائر المجرورة قبله وهي المدينة ،فيكون المعنى وما تلك القرية ببعيد من المشركين ،أي العرب ،فمن شاء فليذهب إليها فينظر مصيرها ،فالمراد البعد المكانيّ .ويصلح لأن يعود إلى الحجارة ،أي وما تلك الحجارة ببعيد ،أي أنّ الله قادر على أن يرمي المشركين بمثلها .والبعد بمعنى تعذّر الحصول ونفيه بإمكان حصوله .وهذا من الكلام الموجّه مع صحة المعنيين وهو بعيد .
وجرّد{ بعيد} عن تاء التأنيث مع كونه خبراً عن الحجارة وهي مؤنث لفظاً ،ومع كون{ بعيد} هنا بمعنى فاعل لا بمعنى مفعول ،فالشأن أن يطابق موصوفه في تأنيثه ،ولكن العرب قد يجرون فعيلاً الذي بمعنى فاعل مجرى الذي بمعنى مفعول إذا جرى على مؤنث غير حقيقي التأنيث زيادة في التخفيف ،كقوله تعالى في سورة الأعراف ( 56 ){ إنّ رحمت الله قريبٌ من المحسنين} وقوله:{ وما يدريك لعلّ الساعة تكون قريباً}[ الأحزاب: 63] وقوله:{ قال مَن يُحيي العظام وهي رميم}[ يس: 78] .وقيل: إن قوله:{ وما كانت أمك بغيا}[ مريم: 28] من هذا القبيل ،أي باغية .وقيل: أصله فعول بغوي فوقع إبدال وإدغام .وتأوّل الزمخشري ما هنا على أنه صفة لمحذوف ،أي بمكان بعيد ،أو بشيء بعيد عن الاحتمالين في معاد ضمير{ هي} .