{ فلما أن جاءه البشير ألقاه على وجهه فارتد بصسرا} .
{ أن} في قوله:{ فلما أن جاء البشير} مزيدة للتأكيد .ووقوع{ أنْ} بعد{ لمّا} التوقيتية كثير في الكلام كما في « مغني اللّبيب » .
وفائدة التأكيد في هذه الآية تحقيق هذه الكرامة الحاصلة ليعقوب عليه السلام لأنها خارق عادة ،ولذلك لم يؤت ب{ أن} في نظائر هذه الآية مما لم يكن فيه داع للتأكيد .
والبشير: فعيل بمعنى مُفعل ،أي المُبشر ،مثل السميع في قول عمرو بن معديكرب:
أمِن ريحانة الداعي السميع
والتبشير: المبادرة بإبلاغ الخبر المسرّ بقصد إدخال السرور .وتقدم عند قوله تعالى:{ يبشرّهم ربهم برحمة منه} في سورة براءة ( 21 ) .وهذا البشير هو يهوذا بن يعقوب عليه السلام تقدم بين يدي العِير ليكون أول من يخبر أباه بخبر يوسف عليه السلام .
وارتد: رجع ،وهو افتعال مطاوع ردّه ،أي رد الله إليه قوة بصره كرامة له وليوسف عليهما السلام وخارق للعادة .وقد أشرت إلى ذلك عند قوله تعالى:{ وابيضّت عيناه من الحزن}[ سورة يوسف: 84] .
{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إنى أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
جواب للبشارة لأنها تضمنت القول ،ولذلك جاء فعل{ قال} مفصولاً غير معطوف لأنه على طريقة المحاورات ،وكان بقية أبنائه قد دخلوا فخاطبهم بقوله:{ ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون} فبيّن لهم مجمل كلامه الذي أجابهم به حين قالوا:{ تالله تفتأ تذكر يوسف}[ يوسف: 85] الخ .