جملة{ عالم الغيب والشهادة} تذييل وفذلكة لتعميم العلم بالخفيات والظواهر وهما قسما الموجودات .وقد تقدم ذكر{ الغيب} في صدر سورة البقرة ( 4 ) .
وأما الشهادة} فهي هنا مصدر بمعنى المفعول ،أي الأشياء المشهودة ،وهي الظاهرة المحسوسة ،المرئيات وغيرها من المحسوسات ،فالمقصود من{ الغيب والشهادة} تعميم الموجودات كقوله:{ فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون}[ الحاقة: 38 39] .
والكبير: مجاز في العظمة ،إذ قد شاع استعمال أسماء الكثرة وألفاظ الكبر في العظمة تشبيهاً للمعقول بالمحسوس وشاع ذلك حتى صار كالحقيقة .والمتعالي: المترفع .وصيغت الصفة بصيغة التفاعل للدلالة على أن العلو صفة ذاتية له لا من غيره ،أي الرفيع رفعة واجبة له عقلاً .والمراد بالرفعة هنا المجاز عن العزة التامة بحيث لا يستطيع موجود أن يغلبه أو يكرهه ،أو المنزه عن النقائص كقوله عزّ وجلّ تعالى{ عما يشركون}[ النحل: 3] .
وحذف الياء من{ المتعال} لمرعاة الفواصل الساكنة لأن الأفصح في المنقوص غير المُنوّن إثبات الياء في الوقف إلاّ إذا وقعت في القافية أو في الفواصل كما في هذه الآية لمراعاة{ من وال}[ الرعد: 11] ،و{ الآصال}[ الرعد: 15] .
وقد ذكر سيبويه أن ما يختار إثباته من الياءات والواوات يحذف في الفواصل والقوافي ،والإثبات أقيس والحذف عربي كثير .