قوله:{ لم أكن لأسجد} جُحود .وقد تقدم أنه أشد في النفي من ( لا أسجد ) في قوله تعالى:{ ما يكون لي أن أقول} في آخر العقود[ المائدة: 116] .
وقوله:{ لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون} تأييد لإبايَته من السجود بأن المخلوق من ذلك الطين حقِير ذميم لا يستأهل السجود .وهذا ضلال نشأ عن تحكيم الأوهام بإعطاء الشيء حكم وقعه في الحاسة الوهمية دون وقعه في الحاسة العقلية ،وإعطاء حكم ما منه التكوين للشيء الكائن .فشتّان بين ذكر ذلك في قوله تعالى للملائكة:{ إني خالق بشراً من صلصال من حمإ مسنون} وبين مقصد الشيطان من حكاية ذلك في تعليل امتناعه من السجود للمخلوق منه بإعادة الله الألفاظ التي وصف بها الملائكة .وزاد فقال ما حكي عنه في سورة ص ( 76 ) إذ قال:{ أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} ولم يحك عنه هنا .
وبمجموع ما حكي عنه هنا وهناك كان إبليس مصرحاً بتخطئة الخالق ،كافراً بصفاته ،فاستحق الطرد من عالم القدس .وقد بيناه في سورة ص .