يجوز أن يكون جملة{ وقالوا} معطوفة على جملة{ قل لو كان معه آلهة كما تقولون}[ الإسراء: 42] باعتبار ما تشتمل عليه من قوله: كما تقولون لقصد استئصال ضلالة أخرى من ضلالاتهم بالحجّة الدامِغة ،بعد استئصال الّتي قبلها بالحجة القاطعة بقوله قل لو كان معه آلهة كما تقولون الآية وما بينهما بمنزلة الاعتراض .
ويجوز أن تكون عطفاً على جملة{ إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً}[ الإسراء: 47] التي مضمونها مظروف للنجوى ،فيكون هذا القول مما تَنَاجَوْا به بينهم ،ثم يجهرون بإعلانه ويعُدونه حجتهم على التكذيب .
والاستفهام إنكاري .
وتقديم الظرف من قوله:{ أئذا كنا عظاماً} للاهتمام به لأن مضمونه هو دليل الاستحالة في ظنهم ،فالإنكار متسلط على جملة{ أئنا لمبعوثون} .وقوة إنكار ذلك مقيد بحالة الكون عظاماً ورفاتاً ،وأصل تركيب الجملة: أإنا لمبعوثون إذا كنا عظاماً ورفاتاً .
وليس المقصود من الظرف التقييد ،لأن الكون عظاماً ورفاتاً ثابت لكل من يموت فيبعث .
والبعث: الإرسال .وأطلق هنا على إحياء الموتى ،لأن الميت يشبه الماكث في عدم مبارحة مكانه .
والعظام: جمع عظم ،وهوما منه تركيب الجسد للإنسان والدواب .ومعنى{ كنا عظاماً} أنهم عظام لا لحم عليها .
والرفات: الأشياء المرفوتة ،أي المفتتة .يقال: رفَت الشيء إذا كسره كِسراً دقيقة .ووزن فُعال يدل على مفعول أفعال التجزئة مثل الدقاق والحُطام والجُذاذ والفُتات .
و{ خلقاً جديداً} حال من ضمير « مبعوثون » .وذكر الحال لتصوير استحالة البعث بعد الفناء لأن البعث هو الإحياء ،فإحياء العظام والرفات محال عندهم ،وكَوْنهم خلقاً جديداً أدخل في الاستحالة .
والخلق: مصدر بمعنى المفعول ،ولكونه مصدراً لم يتبع موصوفه في الجمع .