لما اقتضى قوله:{ لنعلم أي الحزبين أحصى}[ الكهف: 12] أن في نبأ أهل الكهف تخرصات ورجماً بالغيب أثار ذلك في النفس تطلعا إلى معرفة الصدق في أمرهم ،من أصل وجود القصة إلى تفاصيلها من مخبر لا يُشك في صدق خبره كانت جملة نحن نقص عليك نبأهم بالحق استئنافاً بيانياً لجملة لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً[ الكهف: 12] .
وهذا شروع في مجمل القصة والاهتمام بمواضع العبرة منها .وقدم منها ما فيه وصف ثباتهم على الإيمان ومنابذتهم قومهم الكفرة ودخولهم الكهف .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة نحن نقص عليك} يفيد الاختصاص ،أي نحن لا غيرُنا يقص قصصهم بالحق .
والحق: هنا الصدق .والصدق من أنواع الحق ،ومنه قوله تعالى:{ حقيق عليّ أن لا أقول على الله إلا الحق} في سورة الأعراف ( 105 ) .
والباء للملابسة ،أي القصص المصاحب للصدق لا للتخرصات .
والقصص: سَرد خبر طويل فالإخبارُ بمخاطبة مفرقة ليس بقصص ،وتقدم في طالع سورة يوسف .
والنبأ: الخبر الذي فيه أهمية وله شأن .
وجملة{ إنهم فتية} مبينة للقصص والنبأ .وافتتاح الجملة بحرف التأكيد لمجرد الاهتمام لا لرد الإنكار .
وزيادة الهدى يجوز أن يكون تقوية هُدى الإيمان المعلوم من قوله:{ آمنوا بربهم} بفتح بصايرهم للتفكير في وسائل النجاة بإيمانهم وألهمهم التوفيق والثبات ،فكل ذلك هدى زائد على هدى الإيمان .
ويجوز أن تكون تقوية فضل الإيمان بفضل التقوى كما في قوله تعالى:{ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}[ محمد: 17] .
والزيادة: وفرةُ مقدار شيء مخصوص ،مثل وفرة عدد المعدود ،ووزن الموزون ،ووفرة سكان المدينة .
وفعل ( زاد ) يكون قاصراً مثل قوله تعالى:{ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}[ الصافات: 147] ،ويكون متعدياً كقوله:{ فزادهم الله مرضاً}[ البقرة: 10] .وتستعار الزيادة لقوة الوصف كما هنا .