الأخت: مؤنث الأخ ،اسم يضاف إلى اسم آخر ،فيطلق حقيقة على ابنة أبوي ما أضيفت إلى اسمه أو ابنة أحد أبويه .ويطلق على من تكون من أبناء صاحب الاسم الذي تضاف إليه إذا كان اسم قبيلة كقولهم: يا أخا العرب ،كما في حديث ضيف أبي بكر الصديق قوله لزوجه: « يا أخت بني فراس ما هذا ؟» ،فإذا لم يذكر لفظ ( بني ) مضافاً إلى اسم جد القبيلة كان مقدّراً ،قال سهل بن مالك الفزاري:
يا أخت خير البدو والحضارة *** كيف تَرَيْن في فتى فزارة
يريد يا أخت أفضل قبائل العرب من بدوها وحضرها .
فقوله تعالى:{ يا أُخْتَ هارُونَ} يحتمل أن يكون على حقيقته ،فيكون لمريم أخ اسمه هارون كان صالحاً في قومه ،خاطبوها بالإضافة إليه زيادة في التوبيخ ،أي ما كان لأخت مثله أن تفعل فعلتك ،وهذا أظهر الوجهين .ففي « صحيح مسلم » وغيره عن المغيرة ابن شعبة قال: « بعثني رسول الله إلى أهل نجران فقالوا: أرأيت ما تَقرؤون{ ياأُخْتَ هارُونَ} ومُوسى قبلَ عيسى بكذا وكذا ؟قال المغيرة: فلم أدر ما أقول ،فلما قدمتُ على رسول الله ذكرت ذلك له ،فقال: ألم يعلموا أنهم كانوا يُسمُّون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم » اهـ .ففي هذا تجهيل لأهل نجران أن طعنوا في القرآن على توهم أن ليس في القوم من اسمه هارون إلاّ هارون الرسول أخا موسى .
ويحتمل أن معنى{ ياأُخْتَ هارُونَ} أنها إحدى النساء من ذريّة هارون أخي موسى ،كقول أبي بكر: يا أخت بني فراس .وقد كانت مريم من ذرية هارون أخي موسى من سبط لاوي .
ففي إنجيل لوقا كان كاهن اسمه زكرياء من فرقة أبِيّا وامرأتُه من بنات هارون واسمها إليصابات ،وإليصابات زوجة زكرياء نسيبة مريم ،أي ابنة عمّها ،وما وقع للمفسرين في نسب مريم أنها من نسل سليمان بن داوود خطأ .
ولعل قومها تكلموا باللفظين فحكاه القرآن بما يصلح لهما على وجه الإيجاز .وليس في هذا الاحتمال ما ينافي حديث المغيرة بن شعبة .
والسّوْء بفتح السين وسكون الواو: مصدر ساءه ،إذا أضرّ به وأفسد بعض حاله ،فإضافة اسمٍ إليه تفيد أنه من شؤونه وأفعاله وأنه هو مصدر له .فمعنى{ امْرَأَ سَوْءٍ} رَجلَ عمل مفسد .
ومعنى البغي تقدّم قريباً .وعنوا بهذا الكلام الكناية عن كونها أتت بأمر ليس من شأن أهلها ،أي أتت بسوء ليس من شأن أبيها وبغاء ليس من شأن أمّها ،وخالفت سيرة أبويها فكانت امرأة سوء وكانت بغياً ؛وما كان أبوها امرأ سوء ولا كانت أمها بغياً فكانت مبتكرة الفواحش في أهلها .وهم أرادوا ذمّها فأتوا بكلام صريحه ثناء على أبويها مقتض أن شأنها أن تكون مِثل أبويها .