والبعض الآخر واجهها ،بالقول: ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أُمك بغياً ) فمع وجود مثل هذا الأب والأُم الطاهرين ،ما هذا الوضع الذي نراك عليه ؟فأي سوء رأيت في سلوك الأب وخلق الأُم حتى تحيدي عن هذا الطريق ؟
قولهم لمريم: ( يا أخت هارون ) وقع مثار الاختلاف بين المفسّرين ،لكن يبدو أنّ الأصح هو أنّ هارون رجل طاهر صالح إلى الدرجة التي يضرب به المثل بين بني إِسرائيل ،فإذا أرادوا أن يصفوا شخصاً بالطهارة والنزاهة ،كانوا يقولون: إِنّه أخو أو أخت هارون ،وقد نقل العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان هذا المعنى في حديث قصير عن النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ){[2347]} .
وفي حديث آخر ورد كتاب سعد السعود ،عن المغيرة ،أنّ النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعثه إلى نجران لدعوتهم إلى الإِسلام فقالوا ( معترضين على القرآن ): ألستم تقرؤون ( يا أخت هارون ) وبينهما كذا وكذا » ( حيث تصوروا أنّ المراد هو هارون أخو موسى ) فلمّا لم يستطع المغيرة جوابهم ذكر ذلك للنّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال: «ألا قلت لهم: إِنّهم كانوا يسمّون بأنبيائهم والصالحين منهم »{[2348]} أي ينسبون الأشخاص الصالحين منهم إلى الأنبياء .
/خ33