عقّب تحذيرهم من عذاب الآخرة والنداء على سوء ضلالهم في الدنيا بالأمر بإنذارهم استقصاء في الإعذار لهم .
والضمير عائد إلى الظالمين ،وهم المشركون من أهل مكة وغيرهم من عبدة الأصنام لقوله{ وهم لا يؤمنون} وقوله{ وإلينا يرجعون}[ مريم: 40] .
وانتصب{ يوم الحسرة} على أنه مفعول خلَف عن المفعول الثاني لأنذرهم ،لأنه بمعنى أنذرهم عذاب يوم الحسرة .
والحسرة: الندامة الشديدة الداعية إلى التلهف .والمراد بيوم الحسرة يوم الحساب ،أضيف اليوم إلى الحسرة لِكثرة ما يحدث فيه من تحسر المجرمين على ما فرطوا فيه من أسباب النجاة ،فكان ذلك اليوم كأنه مما اختصت به الحسرة ،فهو يوم حسرة بالنسبة إليهم وإن كان يوم فرح بالنسبة إلى الصالحين .
واللام في الحسرة على هذا الوجه لام العهد الذهني ،ويجوز أن يكون اللام عوضاً عن المضاف إليه ،أي يوم حسرة الظالمين .
ومعنى قضى الأمر: تُمّم أمر الله بزجهم في العذاب فلا معقب له .
ويجوز أن يكون المراد بالأمر أمر الله بمجيء يوم القيامة ،أي إذ حشروا .و ( إذ ) اسم زمان ،بدل من يوم الحسرة .
وجملة وهم في غفلة حال من الأمر وهي حال سببية ،إذ التقدير: إذ قضي أمرهم .
والغفلة: الذهول عن شيء شأنُه أن يعلم .
ومعنى جملة الحال على الاحتمال الأول في معنى الأمرِ الكناية عن سرعة صدور الأمر بتعذيبهم ،أي قضي أمرهم على حين أنهم في غفلة ،أي بهت .وعلى الاحتمال الثاني تحذير من حلول يوم القيامة بهم قبل أن يؤمنوا كقوله{ لا تأتيكم إلا بغتة}[ الأعراف: 187] ،وهذا أليق بقوله:{ وهم لا يؤمنون} .
ومعنى وهم لا يؤمنون استمرار عدم إيمانهم إلى حلول قضاء الأمر يوم الحسرة .فاختيار صيغة المضارع فيه دون صيغة اسم الفاعل لما يدلّ عليه المضارع من استمرار الفعل وقتاً فوقتاً استحضاراً لذلك الاستمرار العجيب في طوله وتمكنه .