وإن الله تعالى أمر نبيه الأمين أن ينذرهم بهذا اليوم المشهود ، ولأنه يوم الحسرة عليهم ، ولذا قال تعالى:
{ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون 39} .
{ وأنذرهم يوم الحسرة} ، أي أنذرهم بهذا اليوم الذي يكون حسرة{ إذ قضي الأمر} ، إذ تبين أمر الله تعالى قضاه ، بأن قدره وجوده ونفذه ، و{ إذ} ظرف متعلق بالحسرة ، أي أنه الحسرة لأنه قضي الأمر وجاء التنفيذ . والحسرة ، لأنهم فرطوا في أمورهم ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله ، والحسرة ، لأنهم رأوا العذاب وعاينوه ، والحسرة لأنهم أنكروه ، وهم اليوم قد عاينوه ، والحسرة لأنهم خسروا أنفسهم وكذبوا بلقاء الله .
وقد وصفهم الله تعالى بوصفين أحدهما ذريعة الآخر:
الوصف الأول:أنهم في غفلة فقال تعالى:{ وهم في غفلة} الجملة حالية أي والحال أنهم في هذه الدنيا في غفلة ، والتعبير بقوله:{ وفي غفلة} يفيد أنهم قد استغرقتهم الغفلة واستولت عليهم وحاطتهم كأنها ظرف لهم قد استقروا فيه ، والغفلة قد جاءتهم من غرور بالحياة الدنيا ، ومن استيلاء الأهواء على نفوسهم ، فصاروا لا يصدرون إلا عنها ، وجاءتهم من سيطرة الأوهام عليهم ، وجاءتهم من أنه لا مرشد ولا هادي ، وليس فيهم أمر بمعروف أو نهى عن منكر .
والوصف الثاني:أنهم{ لا يؤمنون} وعبر الله سبحانه عن ذلك بقوله تعالى:{ لا يؤمنون} وهذه الجملة حالية كأختها ، والحال أنهم لا يؤمنون ، وكان النفي نفيا للمضارع للإشارة على استمرارهم على الإيمان وهو نتيجة للغفلة التي أحاطتهم وسكنوها ، لأن الإيمان بصر الحقائق وإدراك لها .