هذا حكاية جواب فرعون عن الكلام الذي أمر الله موسى وهارون بإبلاغه فرعون ،ففي الآية حذف جمل دلّ عليها السياق قصداً للإيجاز .والتقدير: فأتَيَاه فقالا له ما أمِرا به ،فقال: فمن ربّكما ؟.
ولذلك جاءت حكاية قول فرعون بجملة مفصولة على طريقة حكاية المحاورات التي استقريناها من أسلوب القرآن وبَينّاها في سورة البقرة وغيرها .
ووجّه فرعون الخطاب إليهما بالضمير المشترك ،ثمّ خصّ موسى بالإقبال عليه بالنداء ،لعلمه بأنّ موسى هو الأصل بالرسالة وأنّ هارون تابع له ،وهذا وإن لم يحتو عليه كلامهما فقد تعيّن أن يكون فرعون عَلِمه من كيفيّة دخولهما عليه ومخاطبته ،ولأنّ موسى كان معروفاً في بلاط فرعون لأنه ربيُّه أو رَبيّ أبيه فله سابقة اتصال بدار فرعون ،كما دلّ عليه قوله له المحكي في آية سورة الشعراء ( 18 ):{ قال ألم نربّك فينا وليداً ولبثتَ فينا من عمرك سنين} الآية .ولعلّ موسى هو الذي تولى الكلام وهارون يصدقه بالقول أو بالإشارة .
وإضافته الرب إلى ضميرهما لأنّهما قالا له{ إنّا رسولا ربّك}[ طه: 47] .
وأعرض عن أن يقول: فمن ربي ؟إلى قوله{ فمن ربُّكما} إعراضاً عن الاعتراف بالمربوبية ولو بحكاية قولهما ،لئلا يقع ذلك في سمع أتباعه وقومه فيحسبوا أنه متردد في معرفة ربّه ،أو أنه اعترف بأنّ له ربّاً .