عطف على جملة{ ويستعجلونك بالعذاب}[ الحج: 47] أو على جملة{ ولن يخلف الله وعده}[ الحج: 47] باعتبار ما تضمنه استعجالهم بالعذاب من التعريض بأنهم آيسون منه لتأخّر وقوعه ،فذُكّروا بأن أمماً كثيرة أمهلت ثمّ حلّ بها العذاب .فوزان هذه الآية وِزان قوله آنفاً:{ فكأين من قرية أهلكناها وفي ظالمة}[ الحج: 45] الخ ؛إلا أن الأولى قصد منها كثرة الأمم التي أهلكت لئلا يتوهّم من ذكر قوم نوح ومَن عطف عليهم أن الهلاك لم يتجاوزهم ولذلك اقتصر فيها على ذكر الإهلاك دون الإمهال .وهذه الآية القصد منها التذكير بأنّ تأخير الوعيد لا يقتضي إبطاله ،ولذلك اقتصر فيها على ذكر الإمهال ثم الأخذِ بعده المناسب للإملاء من حيث إنه دخول في القْبضَة بعد بعده عنها .
وأما عطف جملة{ فكأين من قرية أهلكناها}[ الحج: 45] بالفاء وعطف جملة{ وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة} بالواو فلأن الجملة الأولى وقعت بدَلاً من جملة{ فكيف كان نكير}[ الحج: 44] فقرنت بالفاء التي دخلت نظيرتُها على الجملة المبدَل منها ،وأما هذه الجملة الثانية فخليّة عن ذلك فعطفت بالحرف الأصلي للعطف .
وجملة{ وإليَّ المصير} تذييل ،أي مصير الناس كلهم إليّ .والمصير مِصدر ميمي ل ( صار ) بمعنى: رجع ،وهو رُجوع مجازي بمعنى الحصول في المكنة .
وتقديم المجرور للحصر الحقيقي ،أي لا يصير الناس إلا إلى الله ،وهو يقتضي أنّ المصير إليه كائن لا محالة ،وهو المقصود من الحصر لأن الحصر يقتضي حصول الفعل بالأحرى فهو كناية عن عدم الإفلات .