هذا العطف مثل عطف جملة{ وأنزلنا من السماء}[ المؤمنون: 18] ففيه كذلك استدلال ومنة .
والعبْرة: الدليل لأنه يُعبر من مَعرفته إلى معرفة أخرى .والمعنى: إن في الأنعام دليلاً على انفراد الله تعالى بالخلق وتمام القدرة وسعة العلم .والأنعام تقدم أنها الإبل في غالب عرف العرب .
وجملة{ نسقيكم مما في بطونها} بيان لجملة{ وإن لكم في الأنعام لعبرة} فلذلك لم تعطف لأنها في موقع المعطوف عطف البيان .
والعبرة حاصلة من تكوين ما في بطونها من الألبان الدال عليه{ نسقيكم} .وأما{ نسقيكم} بمجردة فهو منة .وقد تقدم نظير هذه الآية مفصلاً في سورة النحل ( 66 ) .
وجملة{ ولكم فيها منافع كثيرة} وما بعدها معطوفة على جملة{ نسقيكم مما في بطونها} فإن فيه بقية بيان العبرة وكذلك الجُمل بعده .وهذه المنافع هي الأصواف والأوبار والأشعار والنَّتاج .
وأما الأكل منها فهو عبرة أيضاً إذ أعدها الله صالحة لتغذية البشر بلحومها لذيذة الطعم ،وألهم إلى طريقة شَيِّهَا وصلقها وطبخها ،وفي ذلك منة عظيمة ظاهرة .