هذه تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن ما لقِيَه من بعض قومه هو سنة من سنن الأمم مع أنبيائهم .وفيه تنبيه للمشركين ليَعْرِضوا أحوالهم على هذا الحكم التاريخي فيعلموا أن حالهم كحال مَن كذّبوا من قوم نوح وعاد وثمود .
والقول في قوله:{ وكذلك} تقدم في قوله تعالى:{ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً}[ البقرة: 143] .والعدوّ: اسم يقع على المفرد والجمع والمراد هنا الجمع .
ووصف أعداء الأنبياء بأنهم من المجرمين ،أي من جملة المجرمين ،فإن الإجرام أعمّ من عداوة الأنبياء وهو أعظمها .وإنما أريد هنا تحقيق انضواء أعداء الأنبياء في زمرة المجرمين ،لأن ذلك أبلغ في الوصف من أن يقال: عدوًّا مجرمين كما تقدم عند قوله تعالى:{ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} في سورة البقرة ( 67 ) .
وأعقب التسلية بالوعد بهداية كثير ممّن هم يومئذ مُعرِضون عنه كما قال النبي: لعلّ الله أن يُخرج من أصلابهم مَن يعبدُه وبأنه ينصره على الذين يُصرّون على عداوته لأن قوله: وكفى بربك هادياً ونصيراً} تعريض بأن يفوض الأمر إليه فإنه كاف في الهداية والنصر .
والباء في قوله:{ بربك} تأكيد لاتصال الفاعل بالفعل .وأصله: كفى ربُّك في هذه الحالة .