قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} .لما شكا النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ربّه في قوله:{وَقَالَ الرَّسُولُ يا رَبّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُواْ هَذَا القرآن مَهْجُوراً} [ الفرقان: 30] ،أنزل اللَّه قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً} الآية ،تسلية له صلى الله عليه وسلم ،أي: كما جعلنا الكفار أعداء لك يكذبونك ،ويتّخذون القرآن الذي أنزل إليك مهجورًا ،كذلك الجعل{جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً} ،أي: جعلنا لك أعداء ،كما جعلنا لكل نبيّ عدوًّا .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً} الآية ،قد قدّمنا إيضاحه في «الأنعام » ،في الكلام على قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ} [ الأنعام: 112] الآية ،وقوله تعالى:{وَكَفَى بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} ،قد قدّمنا الكلام مستوفى على كفى اللازمة ،والمتعدّية بشواهده العربية في سورة «الإسراء » ،في الكلام على قوله:{كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [ الإسراء: 14] ،وقوله:{وَكَفَى بِرَبّكَ هَادِياً} ،جاء معناه موضحًا في آيات كثيرة ؛كقوله:{مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} [ الكهف: 17] ،وقوله تعالى:{قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} [ البقرة: 120] ،وقوله:{وَنَصِيراً} ،أي: وكفى بربك نصيرًا ،جاء معناه أيضًا في آيات كثيرة ؛كقوله تعالى:{إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مّنْ بَعْدِهِ} [ آل عمران: 160] .