انتقال من حكاية مطاعنهم في القرآن وبيان إبطالها إلى حكاية مطاعنهم في الرسول عليه الصلاة والسلام .
والضمير عائد إلى الذين كفروا ،فمدلول الصفة مراعىً كما تقدم .
وقد أوردوا طعنهم في نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الاستفهام عن الحالة المختصة به إذ أوردوا اسم الاستفهام ولام الاختصاص والجملة الحالية التي مضمونها مثارُ الاستفهام .
والاستفهام تعجيبي مستعمل في لازمه وهو بطلان كونه رسولاً بناء على أن التعجب من الدعوى يقتضي استحالتها أو بطلانها .وتركيب{ ما لهذا} ونحوه يفيد الاستفهام عن أمر ثابت له ،فاسم الاستفهام مبتدأ و{ لهذا} خبر عنه فمثار الاستفهام في هذه الآية هو ثبوت حال أكل الطعام والمشي في الأسواق للذي يدعي الرسالة من الله .
فجملة:{ يأكل الطعام} جملة حال .وقولهم:{ لهذا الرسول} أجروا عليه وصف الرسالة مجاراة منهم لقوله وهم لا يؤمنون به ولكنهم بنوا عليه ليتأتى لهم التعجب والمراد منه الإحالة والإبطال .
والإشارة إلى حاضر في الذهن ،وقد بين الإشارة ما بعدها من اسم معرّف بلام العهد وهو الرسول .
وكنّوا بأكل الطعام والمشي في الأسواق عن مماثلة أحواله لأحوال الناس تذرعاً منهم إلى إبطال كونه رسولاً لزعمهم أن الرسول عن الله تكون أحواله غير مماثلة لأحوال الناس ،وخصّوا أكل الطعام والمشي في الأسواق لأنهما من الأحوال المشاهدة المتكررة ،ورد الله عليهم قولهم هذا بقوله:{ وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق}[ الفرقان: 20] .ثم انتقلوا إلى اقتراح أشياء تؤيد رسالته فقالوا:{ لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً} .وخصوا من أحوال الرسول حال النذارة لأنها التي أنبتت حقدهم عليه .
و ( لولا ) حرف تحضيض مستعمل في التعجيز ،أي لو أنزل إليه ملك لاتبعناه .
وانتصب ( فيكونَ ) على جواب التحضيض .