قوله تعالى: ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ( 7 ) أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ( 8 ) انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيل ( 9 ) ا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ( 10 ) بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب الساعة سعيرا ( 11 ) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ( 12 ) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ( 13 ) لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ( 14 ) ) الضمير في ( وقالوا ) عائد إلى المشركين من أهل مكة فقد سألوا- على سبيل الاستهزاء والتهكم- ( مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) ( ما ) ،استفهامية في محل رفع مبتدأ .والجار والمجرور بعدها في محل رفع خبر المبتدأ .و ( يأكل ) ،جملة فعلية حالية .وقد كتبت لام الجر مفصولة من مجرورها ،وهو خارج عن قياس الخط{[3301]} .على أن استفهام المشركين مستهجن يهذي به الظالمون السفهاء ،وهم يحفزهم إلى ذلك عتادهم وضلالتهم وهوان أحلامهم ؛إذ قالوا لرسول الله: ما لك وأنت مرسل من ربك تأكل الطعام وتقف بالأسواق متجرا ملتمسا المعاش والرزق ؟وتسميتهم له بالرسول ليس عن تصديق ؛بل على سبيل التهكم والسخرية .فقد قالوا: إن كان حقا نبيا ،فما له يأكل الطعام كما نأكله نحن ،ويتردد في الأسواق من أجل العمل والاتجار كما نعمل ونتّجر ؛أي لزم أن يكون ملكا من الملائكة ،ليكون مستغنيا عن السعي وطلب الرزق وتحصيل المعاش .وهذا هو مقتضى قوله: ( لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ) رجعوا عن اقتراحهم بكونه ملكا إلى كونه إنسانا معه ملك يعززه في الإنذار والتبليغ والتخويف .