جملة{ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} إمّا استئناف بياني إن جَعلتَ قوله:{ الذين قال لهم الناس} بدلاً أو صفة كما تقدّم ،وإمَّا خبر عن{ الذين قال لهم الناس} إن جَعلَت قوله:{ الذين قال لهم الناس} مبتدأ ،والتقدير: الذين قال لهم الناس إلى آخره إنّما مقالهم يخوّف الشيطان به .ورابط هذه الجملة بالمبتدأ ،وهو « الذين قال لهم الناس » على هذا التقدير ،هو اسم الإشارة ،واسم الإشارة مبتدأ .
ثم الإشارة بقوله:{ ذلكم} إمّا عائد إلى المقال فلفظ الشيطان على هذا مبتدأ ثان ،ولفظه مستعمل في معناه الحقيقي ،والمعنى: أنّ ذلك المقال ناشىء عن وسوسة الشيطان في نفوس الذين دبّروا مكيدة الإرجاف بتلك المقالة لتخويف المسلمين بواسطة ركب عبد القيس .
وإمّا أن تعود الإشارة الى{ الناس} من قوله:{ قال لهم الناس} لأن الناس مؤوّل بشخص ،أعني نُعميا بن مسعود ،فالشيطان بدل أو بيان من اسم الإشارة وأطلق عليه لفظ شيطان على طريقة التشبيه البليغ .
وقوله:{ يخوف أولياءه} تقديره يخوّفكم أولياءه ،فحذف المفعول الأول لفعل ( يخوّف ) بقرينة قوله بعده:{ فلا تخافوهم} فإنّ خَوّف يتعدّى إلى مفعولين إذ هو مضاعف خاف المجرّد ،وخاف يتعدّى الى مفعول واحد فصار بالتضعيف متعدّياً إلى مفعولين من باب كَسَا كما قال تعالى:{ ويخوّفكم اللَّه نفسه}[ آل عمران: 28] .
وضمير{ فلا تخافوهم} على هذا يعود إلى{ أولياءه} وجملة{ وخافون} معترضة بين جملة{ فلا تخافوهم} وجملة{ إن كنتم مؤمنين} .
وقوله:{ إن كنتم مؤمنين} شرط مؤخّر تقدّم دليل جوابه ،وهو تذكير وإحماء لإيمانهم وإلا فقد علم أنّهم مؤمنون حقّاً .